ما هي الأقنعة الوظيفية اليومية؟
ابتسامة زائفة، وصوت غير حقيقي، وقد يصل الأمر إلى اتخاذ مظهر الشخص الخارق، أو ترديد النكات السخيفة، والوصول إلى حد التفاهة غير الممكنة؛ كل تلك الأمور التي تتطلب ضبط النفس في التعامل معها بشكل يومي.
يعتمد بعض العاملين في المؤسسة الواحدة على الأقنعة الوظيفية في الوصول إلى درجة ما من الرضا عن الذات؛ وهو أمر ميؤوس منه في الكثير من الأوقات؛ إذ تجد الإدارة نفسها أمام أحزاب وتكتلات داخل العمل الواحد، من فئات مختلفة.
اختلاط الأمور الشخصية بالعمل
يسعى الشخص الذي يرتدي القناع دائمًا إلى الوصول لمرحلة الكمال الاجتماعي _والمقصود هنا التعامل وفقًا لبعض الأسس حتى يحافظ على اندماجه مع المحيطين به بطريقة ما_ إلا أن عملية التعامل هذه لا تجد لنفسها تفسيرًا أقل قيمة من التفاهة، أو البحث عن دور تفتقده الشخصية في الحياة العامة؛ وهنا فإن إدارة الموارد البشرية تبدأ في التعاطي مع هذه الحالات بصرامة ورسمية ضرورية؛ إذ إن الأمور الشخصية وجدت طريقها إلى العمل، وبالطبع فهو خطأ لا يُغتفر.
أمراض وظيفية
تبحث الفتيات عن الدعم الذي يعتمد على نوعهن، والتفاهم فيما بينهن، مع تبادل الضحكات، أو ترديد نفس الأحاديث فارغة المعنى، مع استقبال الأخريات بحفاوة بالغة زائفة في العلن، حاملات خناجر الاتهامات في السر.
من جهتهم، فإن الشباب من العاملين يعمدون إلى التصرف على طريقة “أنا الأفضل على الإطلاق”، أو كما يُطلق عليه المثل الأمريكي “Too cool for school”؛ والذي يعني بأن الفرد _خاصة أثناء فترة المراهقة_ يعتبر نفسه الأفضل على الأصعدة كافة من الانضمام إلى المدرسة، وحتى ترديد النكات الفكاهية نفسها يوميًا؛ للحصول على دور مهم على مسرح الأحداث الاجتماعية الزائفة التي تجري في العمل.
وهنا تواجه الإدارة كلًا من Mr. cool، وMr. Popular، وهما الثنائي الذي غالبًا ما يتفق إلا في حالة منافستهما، وتُعتبر هذه الحالات مستعصية في التعامل معها؛ إذ إنها تتعاون مع الآخرين وفقًا لتلك الأفكار التي لا أساس لها من الصحة، ويبقى العمل الجاد ليس المعيار الأساسي للتقييم عندهم.
آليات العمل الصارمة
غالبًا؛ فإن هذه الفئة من الأشخاص لا تتمتع بالموهبة، أو المهارات اللازمة للعمل في المؤسسات الجادة التي تبحث دائمًا عن الكوادر؛ لكن لأن القواعد دائمًا ما تمتلك بعض الاستثناءات؛ فإن وظيفة إدارة الموارد البشرية تتمثل في هذه الحالة، بأن توفر بل تضمن العلاج النفسي، والتعامل وفقًا لآليات العمل، ولوائح المكافآت والخصومات؛ من أجل الحصول على أفضل إنتاجية في العمل، وتجنب تغلب الأمور الشخصية على كيانها العملي.
الوهم الاجتماعي
إن الباحث عن العلاقات الاجتماعية “التي ترضيه” في مكان العمل لا يُعتبر سوى شخصية تدرس كيفية علاج قدراته في التعاطي مع المحيطين من حوله خارج إطار العمل.
وبالتالي، فإن هذه الفئة تعيش في وهم اجتماعي، صنعته تصرفاتهم طبقًا لما يرونه مناسبًا لهم؛ إلا أنهم يفقدون _مع مرور الوقت_ قيمتهم الإنسانية ويظهر معدنهم الأصلي لكل المحيطين بهم، علمًا بأنهم لا يستطيعون السيطرة على زمام العمل؛ نظرًا لمواهبهم المنعدمة.
الصداقة في العمل
وفي بعض الأحيان؛ فإن قلة حقيقية يتمتعون بشخصية قوية، ويدركون ماهية مهاراتهم المتعددة والتي تختلف من واحد إلى آخر، وقد يصلون إلى مرحلة الصداقة؛ التي قد تبدو غريبة بين أجواء العمل الرسمية، وزيف العلاقات الاجتماعية للأقنعة الوظيفية؛ لكنها _بالطبع_ توفر لهم حياة شخصية سوية، وعملية هادفة على حد سواء.
قد يكون الأصدقاء في العمل هم الداعم الأكبر لك دون أن يشعروا بالغيرة من نجاحك؛ بل إنهم يقفون إلى جانبك من أجل تحقيق الأفضل، والوصول إلى مناصب أكبر، ولا يبخلون بجهدهم للعمل وفقًا لما يرونه مناسبًا؛ بل قد يصل الأمر بهم إلى تقويمك في وقت الخطأ؛ إلا أن هؤلاء الأشخاص من العملات النادرة التي طالما تبحث عنهم المؤسسات؛ لأنهم يضعون كل شيء، حتى العلاقات الاجتماعية، تحت مجهر الضمير المتيقظ دائمًا.