إن رائد الأعمال، وفقًا لطرح Jonathan Moules في كتابه: The Rebel Entrepreneur،
متمرد، ثائر على الوضع الراهن، يريد التغيير، لا تغيير نفسه، وواقعه الشخصي فحسب، بل المجتمع المحيط به والعالم كذلك.
الريادة كثورة
من هنا، من هذه الرغبة في التمرد والخروج على المألوف يبزغ نجم ثورة ريادة الأعمال
وليس هذا بمستغرب ولا مستهجن؛ فكل فكرة رائدة، جديدة عن حق ثورة،
وتحمل في طياتها طابع التدمير (بمعناه الإيجابي بطبيعة الحال ولهذا جاز للبعض أن يتحدث عن «جمالية التدمير») بمعنى أنها تدمر وضعًا قائمًا تالفًا غير مجد، وتعد بواقع أفضل.
صحيح أن Thomas Kuhn قال في كتابه “بنية الثورات العلمية
” The structure of scientific revolutions إن تطور المعرفة العلمية ليس قائمًا على التراكم،
وإنما على التغيرات الجذرية، لكن الأمر لا يقتصر على المعرفة العلمية وحدها؛ فنماذج الأعمال تتغير وتتطور بنفس الطريقة.
إن التغيير التدريجي يأخذ وقتًا طويلًا جدًا، وربما لن يصل إلى مقصوده أبدًا، ومن هنا تأتي أهمية ثورة ريادة الأعمال التي تطرح فكرة رائدة مبتكرة تغير بها العالم، وتبدل معطيات الواقع المحيط.
تبديل المعطيات
ربما يكون اختراع فكرة جديدة من الأساس أمرًا رائعًا، وجاذبًا للعقول، سوى أن أكثر الشركات التي فشلت كان هذا السبب بالضبط،
أي أنها تصورت أن الإتيان بفكرة جديدة تمامًا سيوصلها إلى النجاح، في حين أن الفكرة المثالية لم توصل أصحابها إلا إلى الفشل!
تبدأ ثورة ريادة الأعمال ليس من طرح فكرة مثالية، وإنما من تبديل الواقع القائم بالفعل، من التعديل عليه،
أي من التجريب والفشل كثيرًا؛ حتى نصل في النهاية إلى نموذج عمل ثوري ومبتكر عن حق رغم
كونه معتمدًا على الوقائع الراهنة، والتي ألفنا التعامل معها يوميًا.
خطة للتغيير: تخلص من أوهامك أولًا!
التخطيط أمر مهم بطبيعة الحال، فهذا أمر لا يمكن دحضه، لكن الأهم من التخطيط هو تطوير الخطط ذاتها،
إن الخطط غير القابلة للتطور، والتي لا تستجيب للتغيرات الكبيرة والصغيرة على حد سواء،
لن تكون سوى معول هدم في المشروع من الأساس.
وعلى أي حال، فمن المحتم على رائد الأعمال _إن هو أراد النجاح_ أن يزن خططه وأفكاره
على ميزان الواقع وليس العكس، فالواقع هو الذي يقودنا ولسنا نحن من نقوده.
ومن ثم، فإن الواجب الأول هنا هو أن نتخلص من وهم جدوى أفكارنا الأولية/ الأصلية، فالناجحون هم من أدركوا أن هذه الأفكار التي ظنوها رائدة وعظيمة كانت تافهة ولا قيمة لها.
ضد التمويل
ربما تكون هذه الفكرة (معاداة الحصول على التمويل) هو واحدة من بين الأفكار الخارجة عن المألوف التي يطرحها Jonathan Moules في كتابه The Rebel Entrepreneur؛ فهو، من ناحية، يقول، إذا لم تجد أحدًا مستعدًا لاستثمار أمواله في فكرتك فعليك إعادة النظر في هذه الفكرة ذاتها.
ومن ناحية أخرى، يذهب إلى أن عدم الحصول على قرض أو تمويل من أحد أجدى من الحصول عليه؛ فهذا المال القليل الذي بحوزتك سيدفعك إلى التفكير قليلًا قبل أن تضع أموالك في أي مكان، صحيح أنك ستبدأ صغيرًا، لكنك ستكون على المسار الصحيح.
وبالجملة فإنه من الممكن القول إن رواد الأعمال ثائرون سواءً في طرائق عيشهم أو في أفكارهم، لكن، والحق يقال، العالم مدين لهم؛ فأغلب ما نراه من تطور مذهل وكبير سببه في البداية فكرة رائدة/ ثورية، لاقت رفضًا في البداية، لكن نتائجها المذهلة، غير المتوقعة، هي التي أقنعت الجميع بها.